الرئيسية » الإصدارات العلمية » المقالات » رسالة مهمة لكل ابن وبنت

رسالة مهمة لكل ابن وبنت

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

من أعظم النعم عليك في الدنيا أن تظفر برضا والدك بشكل أكيدٍ وتامٍ
وأن يكون رضاه أعظم مطالبك في الدنيا على مرِّ سنواتك ومراحلك حتى مماتك، بل حتى بعد وفاته

ولا تغالط نفسك وتذهب لتسأله الآن:
(أبي: أأنت راض عني؟!)
هذا لوحده غير كافٍ
وغالبا سيقول لك: نعم
وربما لا يكون صادقًا في جوابه أو ليس هذا ما في نفسه تجاهك
وهذا يحدث من الآباء كثيرًا
وبجوابه هذا سيكون أرقى وأسمى منك

وهكذا هم الآباء أيها الأبناء الأعزاء

الرضا بأن تشعر أنت في قرارة نفسك بذلك، وتشعر بحاجتك له ولرضاه
أن تتأكد مِنْ بذلِك وتحقيقِك لرضاه
وأن تعرف مِنْ نفسك أنه أحد أهدافك الأساسية في الحياة
بل هو أعظمها بعد رضا الله عز وجل

وحتى يكون شعورًا صادقًا وحقيقيًا فيجب عليك أن تسأل نفسك وبصدق:

– هل يرى مني أفعالًا ترضيه؟!
– هل حققتُ له (كل) الذي يرضيه؟!
– هل أفعالي وأحوالي ترضيه؟!
– هل ديني وصلاتي وحفظي ودراستي، ومظهري ومخبري وأخلاقي، ونومي وعملي وتعاملي ونحو ذلك ترضيه عني؟!
– وما مدى رضاه عني، ودرجته؟!
– كيف أضمن ذلك حقًا دون سؤاله؟!
– ولو توفّاه الله في أي لحظة فهل مات وهو راضٍ عني؟!!

كم من أب مسكين يسكت أو يعجز أو حتى يجامل أبناءه
وفي داخله آلااااام وغُصّة وحسرةٌ من أبناء خابَ أمله وخابتْ توقعاته فيهم،
وتبعثرتْ أحلامُه التي رسمَها فيهم قبل ولادتهم وربما قبل زواجه
وظلَّ سنوات يرعاهم ويعتني بهم ليحققوها أمام ناظريه

ظلَّ يعطي ويُهدي ويُضحّي
ظلَّ يرعى ويهتم ويتابع ويربّي
لكنهم كبروا واشتد عودهم وداسوا كل هذا بأقدامهم التي نمتْ من خير والدهم
ماذا يُسَـمَّى هذا يا تُرى؟!

يفرحُ الأبُ كثيرًا بمشابهة ابنِه له في شخصيته وطباعه وإنجازاته
بل حتى لو شابهه في ملامحه
وسَلُوا كل أب عن هذا لتتأكدوا

وستدركون هذا في أبنائكم مستقبلًا

والعرب تقول:
(مَن شابه أباه فما ظلم)
أي:
هذا هو الفضل والنعمة ومدعاةُ الفخرِ
وكما يقال: (عدَّاه العيب)
أي تجاوزه النقصُ والخللُ، ذلك الذي شابه أباه
بل هذا هو الواجبُ والطبيعيُّ أصلًا

وعليه فالظلم ههنا:
– ألا تشابهه، وألا تتابعه، وألا تسير وفق خطواته التي مشى فيها قبلك
– الظلم أن تهمل رضاه لأجل هواك
– الظلم أن ترضي نفسك على حساب رضاه
– الظلم ألا تكون وفيًّا مع ما قدمه لك
– الظلم أن تكون سببًا لحزنه وحسرته
– الظلم ألا تردَّ دينه الذي في ذمَّتك

كيف لا ترضيه وتسعى لذلك وقد:
– أرضاك كثيرًا وأنت صغير
– أرضاك فحملك على ظهره
– أرضاك فكان يحرسك وظل واقفًا وأنت تلعب وتمشي وتتحرك
– أرضاك فحرم نفسه كثيرًا وأعطاك
– أرضاك فأذل نفسه لئلا تذل للغير

ولا تغالط نفسك لو كنتَ ناصحًا لها أو يوهمك الشيطان برضا والدك لمجرد فعلك لبعض الأمور التي يحبها وهي تناسبك وتفعلها لكونها مناسبةً لك

وليكن في علمك بل ويقينك أنّك حينما:
– تقبل رأسه كل صباح
– لا ترفع صوتك عليه
– تحضر له شيئا طلبه
فهذه أمثال يسيرة، وهي أدنى درجات البرِّ للوالد؛ إذ يمكن للخادمة أو حتى الإنسان الغريب أن يفعلها ويفعل بعضها ومثلها
بل يمكن للأب أن يخدم نفسه

فلا تغالط نفسك بهذه الأفعال اليسيرة والفقيرة وتتَّكل عليها

الرضا الحقيقي أن:
– تفعل ما يحب دون أن يطلب
– تفعل ما طلب منك من أول مرة (دون أن يكرر طلبه)، بل الأكمل أن تفعله قبل أن يطلبه
– تتلمّس مواقع رضاه؛ في أهدافك وخطواتك وطموحاتك وتصرفاتك وسيرة حياتك؛ فأنت تُنسَبُ له، وحملتَ اسمه، ومن خلالك قد يُمدح ويؤجر أو قد يستحق الذم والإثم
– تقدّم رضاه على رضاك
– لا تقع عينه على شيء يؤذي قلبه حتى لو لم يتكلم أو يعاتب
– يراك مثله أو أحسن منه
– يفتخر بك بتحقيقك لما رضيه وتأمله فيك ومنك، وليس بما أجبرته عليه واقعًا رضخَ له
– يطمئن والدك أنه لو مات فبنوه سيتابعون تحقيق رضاه وهو في قبره، ولن يهملوا ذلك بموته
– تجعله (داااائم الابتسامة) كلما رآك أو سمع صوتك؛ لأنه سيرو فيك أحلامه قد تحققت
– يراك ويشعر أنَّ تعبَه لم يذهب سدىً وهدرًا
– لا يأتيه من فلذة كبده إلا كل ما يسعد قلبه ويرضي روحه
– تستمر على ذلك في حضوره وغيابه، بل حتى بعد وفاته

هذا هو رضا الوالد
وبرضا الوالد سيرضى الله
(يا رضا الله، ورضا الوالدين)
وهي جنةُ الدنيا وسعادتُها
راحةُ الضمير وأمانُه

وما عداه فقد يكون العقوق
(( ا / لـ / ع / ق / و / ق ))

ومادة [ ع – ق ]:
أصلٌ عربيٌّ يحومُ حول معاني:
الشَّق والتمزيق والذَّبح

فكأنك بعقوقك ذبحتَه، ومزّقتَه وشقَّقتَه

وهو جحودٌ ونُكرانٌ وكأس مرُّ المذاق
لو أذقته والدك اليوم فسيُذيقك إياه أبناؤك غدًا
حتى لو كان لك ولد واحد فقط
وستتنكرُ لك الدنيا كلُّها حينذاك

والجزاء من جنس العمل
{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}
{جزاءً وفاقًا}

وسيكون أكثر ألمًا لك
وستتجرع المرارة كثيرًا
وستتذكر والدك ومافعلتَه معه
وغالبًا لا يمكنك التعويض حينها

☘️رضا الوالد من رضا الرب☘️
🌱وهو توفيق في الحياة🌱
🌲وسعادة للنفس🌲
🌴ووفاء عظيم🌴

اللهم ارزقنا رضا والدينا وبرَّ أبنائنا

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

✍🏼  النَّاصح

8 رمضان 1441 هـ
1 مايو 2020م




تصميم وبرمجة Meta Studio