الرئيسية » همسة ناصح » الهمسة 2: (أيها الصائم: لا تهدم ما قد بنيت)

الهمسة 2: (أيها الصائم: لا تهدم ما قد بنيت)

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

أيها الصائم: لا تهدم ما قد بنيت

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

من القواعد العلمية الصحيحة التي تعلمناها في المدارس والحياة اليومية قاعدة (الهدم أسهل من البناء)، أي أن الباني يعاني في عمله أضعاف وأضعاف ما قد يبذله الهادم، وهي قاعدة صحيحة وواقعية نلمسها في أغلب نواحي حياتنا من حولنا.

 

ومن هذه النواحي: العلاقة بين العبد وربه جل جلاله، فالعبد حتى يحصِّل مرضاة ربه تعالى ويظفر بجنانه عليه أن يبذل غاية جهده في العبادات المتنوعة الكثيرة من توحيد وصلاة وصيام وزكاة وذكر لله ونحو ذلك، فيبني علاقة طيبة مع ربه تعالى، لكنه قد يهدم هذه العلاقة الرائعة في لحظة غفلة منه، بل قد يصل الأمر به إلى الردة عن الدين فيحبط عمله كله الذي بناه في سنوات (عياذًا بالله).

 

لذا حذرنا الله سبحانه وتعالى من هدم ما يبنيه العبد بسهولة بعد العمل الكثير منه فقال تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا}، وقد ذكر بعض المفسرين أن امرأة مجنونة في مكة كانت تغزل الثوب الجميل فإذا انتهت منه مزقته ودمرت جميع ما كانت تصنع، فجاءت هذه الآية لتحذرنا من مشابهة حالها ومن (الهدم بعد البناء).

 

وقد أشارت السنة النبوية لقريب من هذا المعنى وذلك فيما أخرجه الشيخان عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعًا: ( يا عبدالله: لا تكن مثل فلان!! كان يقوم الليل فترك قيام الليل).

 

فعليك أخي الصائم أن تتذكر أنك في شهر رمضان قد بنيت علاقة حسنة مع ربك وكنت له (نعم العبد) في تلاوتك لكتابه وختمك له ومحافظتك على الصلاة في المساجد مع إخوانك المسلمين وصيامك عن جميع المفطرات وملازمتك لصور الذكر المختلفة والإنفاق في سبيل الله مع التقليل من الذنوب التي ربما كنت تعاقرها قبل رمضان و… حتى شعرت بقربك من الله ولمست حلاوة الإيمان في قلبك و… وعشت لحظات إيمانية جميلة وذقت من سعادة القلب ما لا يشترى بالملايين!!

 

فإياك ثم إياك أخي الحبيب أن تهدم كل هذا الذي بنيته في شهر الرحمات، وتجنب الخذلان الذي يصيب الكثيرين الذين يباشرون هدم ما بنوه من أول أيام العيد التي يفترض أنها موسم الفرح بختام العمل وتمامه لا للعصيان وهدم الإحسان {… ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}.

 

اللهم وفقنا لطاعتك، وثبت قلوبنا على دينك، وتقبل القليل الذي نقدمه طمعًا في مرضاتك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك.

 

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

٢٢رمضان ١٤٣٤ هجرية

 

الموافق ٣١ يوليو ٢٠١٣ ميلادي

 




تصميم وبرمجة Meta Studio