إليك أنت يا من تحب عمر الفاروق وسائر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم
إليك أنت يا من تحب عمر الفاروق وسائر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه… وبعد:
قدر الله لي مصادفة دون ترتيب مني أبدًا أن أتابع إحدى حلقات مسلسل (عمر) رضي الله عنه ووجدت في هذه الحلقة الواحدة عددًا هائلًا متكررًا من الأخطاء الشرعية واللغوية والمنهجية والفنية إعلاميًا مما يدل على أن المسلسل لم تتم مراجعته من لجنة متخصصة كما زعم!!
أو أن هذه المراجعة كانت حبرًا على ورق ولا أثر لها على أرض الواقع!!
أو أن لجنة المراجعة لم تقم بواجبها كما يجب!!
أو غير ذلك من الأسباب التي أفترضها الآن أمام ما حصل من أخطاء فاحشة تؤكد وتقوي ما قرره أهل العلم الأكابر في حرمة هذا المسلسل وما شابهه وخطورة ما قد يترتب عليه بعدما تجاوز أصحابه ومناصروه الخطوط الحمراء في تجسيد شخصيات الصحابة بل حتى كبارهم ممن شُرِعَ لنا في ديننا التأسي بسننهم..
ولذا فكل خطأ شرعي هو تعدٍّ على الإسلام بقصد أو بغير قصد!!
وفيه حط من أقدارهم!!
وفيه كذلك نسبة الجهل لهم بلا برهان حقيقي وهذا سيتسبب في انتشار هذه الأخطاء والبدع بين من سيتابعونه من عوام الناس!!
◄ومن أهم هذه الأخطاء على سبيل المثال لا الحصر:
(١) وضع صور افتراضية للصحابة تخالف تمامًا وقطعًا ما نقل عنهم من صفات خلقية وخُلُقية كاللحى الكثَّة التي كانت عند أغلبهم كلحية علي رضي الله عنه والتي كانت تغطي ما بين منكبيه من عظمتها!! وكذا غيره من الصحابة الآخرين،
وهو ما لم يكن في هذا المسلسل!!
وكذا اللباس حيث أن الأصل الغالب على أقل تقدير متفق عليه أن أُزُرَ الصحابة كانت ما بين منتصف الساق وما فوق الكعب..
وأغلب من في المسلسل من أناس يتحركون يمنة ويسرة هم مسبلين!!
وهو فعل محرم على الراجح من أقوال العلماء..
وحتى لو قيل بالكراهة في ذلك وسُلِّمَ به جدلًا فالأصل بأفراد المجتمع النبوي في الجملة هو الاقتداء بالسنة النبوية وترك المكروهات، وإذا كان هناك من يخالف ذلك لأي سبب كان فهم قلة وأفراد قليلون!!
ويلحق بهذا الأمر عدد من المظاهر الاجتماعية الحياتية الأخرى!!
ومن أشدها قبحًا وخطأً هو تمثيل عمر رضي الله عنه وهو يحمل دُرَّتَه (عصاته) في السنة السابعة من الهجرة وما حولها مثلًا مع أن هذا لم يعهد عنه إلا بعد توليه الحكم!!
ومن خالف هذا فليسعفنا بمراجعه العلمية ونحن له من الشاكرين!!
(٢) وجود مظاهر تعبدية مخالفة للشرع يعرفها أبسط طالب علم مبتدئ ومنها:
قطع التلبية للمعتمر بمجرد رؤيته لديار مكة أو لرؤية الحرم على أقل تقدير.. وفي هذا المسلسل يستمر الصحابة في تلبيتهم في عمرة القضاء حتى أثناء الطواف وهو ما لم يقله عالم معتبر ولم يرد به دليل صحيح!!
فكيف وهو خلاف المأثور؟؟!!
والأدهى والأمر أن الناس في المسلسل كانوا يلبون والفاروق ساكت لا يلبي معهم!!
فهل للجنة أن تخبرنا بسبب هذا السكوت من عمررضي الله عنه مع ذكر المرجع عليه إن كان ثابتًا عندهم أو ذكر الحكمة من جعل هذا هو فعل عمر رضي الله عنه!!
وقد يستغله البعض للطعن فيه رضي الله عنه!!
والمسلسل في الأساس متعلق بحياته؟؟!!
وكذا الاضطباع: وهو كشف الكتف الأيمن للمحرم في طواف القدوم فقط،، وللأسف فالصحابة في المسلسل مضطبعون في أغلب الأوضاع قبل هذا الطواف وبعده وبعضهم ملقي للرداء على أحد أكتافه إلقاء لا يليق أبدًا!!
ولا تدري هل هو أمر مقصود ولا دليل عليه أصلًا أم هو من الإهمال؟؟!!
وأحلى الأمرين مر!!
(٣) ورود زيادات كثيرة في عدد من الأحاديث المرفوعة للنبي عليه الصلاة والسلام والآثار الموقوفة عن الصحابة!!
وهذا بحد ذاته من الكذب المحض الصريح على رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه خاصة الزيادات الواردة في رسائله للملوك!!
وكذا في الأحاديث التي تمثل أنها وقعت بينهم!!
والمصيبة كل المصيبة أن منها ما هو كذب صريح فاضح على الصديق والفاروق!!
ولذلك يذكرون مواقفًا بينهما لم ترد في ثنايا السنة المنقولة إلينا وإنما هي مما تحتاجه الحبكة التمثيلية ومقتضيات السيناريو!!
وهذا تقوُّل وكذب عليهم بما لم يقولوه مهما كانت المبررات ولم يكونوا مضطرين لهذا الكذب!!
(٤) وجود عدد كبير من الركاكة اللغوية الواضحة في نطق الكلمات العربية بما لا يتناسب مع فصاحة الصحابة الكرام!!
وبنظرة يسيرة في بعض المواضع يظهر هذا واضحًا جليًا!!
فالله المستعان.
(٥) وجود أخطاء تاريخية منها:
مكان وجود هرقل حينما وصلته رسالة النبي عليه الصلاة والسلام ففي المسلسل أنه كان في القدس والمنقول أنه كان في دمشق!!
ومنها ما له صلة بالموضع الذي كانت عليه الكعبة:
إذ من المعلوم أن مكانها منخفض مقارنة بما حولها من البيوت فهي في أسفل الوادي ولذلك هدمتها بعض السيول وقد قال تعالى {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}.
أما في المسلسل فهي مرتفعة على ربوة يسيرة مقارنة بماحولها من المباني!!
فأين اللجنة من هذا وغيره؟؟!!
(٦) اختيار ممثلٍ لتجسيد صورة علي بن أبي طالب رضي الله عنه تشابه بدرجة شبه مطابقة لصورة الحسين رضي الله عنهما المفترضة عند بعض القوم الذين يغلون فيهما ويطعنون في أغلب الصحابة!!
فهل هو توافق بريء غير مرتب أو مقصود؟؟!!
صراحةً أنا لا أعتقد ذلك!!
(٧) وفوق هذا كله لا يبرز أبدًا لهذا المسلسل أي تأثير إيماني حقيقي يؤثر فيمن يتابعه أو يُعَرِّفُهُ بمحاسن الإسلام العظيمة أو يبرز الصورة السامية الراقية التي كان عليها عمر وبقية الصحابة رضي الله عنهم جميعًا كما كان يدعي من باشر هذا العمل أو ساهم فيه أو نافح عنه!!
ولا تشعر أبدًا أن المسلسل يتناول قصة عمر رضي الله عنه على وجه الخصوص فهو ممثل من جملة ممثلين!!
ولا ترى كذلك ولو جزءًا يسيرًا من عظمة الفاروق التي سطرتها كتب السنة والآثار بالذهب الناصع لا بمائه..
والأدهى والأمر أن الشخصيات الممثلة لأدوارهم لا تلمس تعايشها الروحي ولو بشيء قليل مع عظمة الشخصيات التي تمثلها!!
وهذا عندي أمر طبيعي ومنطقي ففاقد الشيء لا يعطيه!!
فكيف لو كان شيئا عظيمًا وصعبًا لما للصحابة من مقامات عليَّة لا يستطيع من بعدهم محاكاتها أو الوصول إليها!!
ولذلك ما كانت هناك حاجة فعلية لهذا المسلسل!!
فأين اللجنة التي تابعت النصوص ونقحتها وكانت سببًا في اغترار كثير من الناس وفتنتهم بهذا المسلسل وضربت عرض الحائط بفتاوى كبار العلماء والمجامع الفقهية التي حرمت تمثيل الصحابة وخاصة الخلفاء الراشدين؟؟!!
للأسف في ظني القاصر أن هذا غش ظاهر وإساءة للصحابة!!
ولا أنصح أبدًا بمتابعتها لأجل الصحابة فحبهم دين وبغضهم نفاق ولا يتساهلنَّ أحد في هذا الحكم الشرعي!!
وفي مثل هذه المواقف تظهر محبة الصحابة والغيرة عليهم!!
وأوصي أعضاء اللجنة بتقوى الله والتراجع عن هذا العمل وإقراره والتهوين من خطورته وإعلان ذلك علانية حفظًا لحق عمر والصحابة وحمايةً لدين الناس..
وكذا أنصح كل من أفتى بجوازه أو دافع عنه أن يراجع نفسه في هذا والدين النصيحة.
هذا ما أحببت كتابته وكلي سعادة بأي إفادة أو تصويب أو توجيه من أي أحد وما المرء إلا بإخوانه،،
فإن أصبت فيما كتبته فالفضل كله لله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه برآء وأنا متراجع عن الخطأ الذي أقتنع به بالحجة والبرهان ومن الآن.
والحمد لله رب العالمين.ِ
كتبه محب الصحابة وخادمهم
وضاح سعيد الشعبي
